كل شيء يغلو ويرتفع سعره إلا البني آدم وكروت الشحن.. دائما في النازل.. حتى أسعار الجثث التي كانت تقدر بآلاف الجنيهات منذ عشرين عاماً صارت الآن في متناول يد الجميع مثل المحمول، والآن أمامك آخر قائمة أسعار لقطع الغيار البشرية "المستعملة" وفقاً لبورصة الأموات!
قطع الغيار الآدمية | سعر القطعة |
عمود فقري + الضلوع | 40 جنيها |
طرف علوي | 50 جنيها |
طرف سفلي | 50 جنيها |
الجمجمة | 90 جنيها |
الحوض | 30 جنيها |
هيكل عظمي | 300 جنيه |
الوضع حقاً يستحق أن تتساءل في قرارة نفسك، وتسأل من حولك باهتمام شديد.. ولهجة جادة.. "سعرنا كام بعد ما نموت؟".. إذ صرنا في وطن كل شيء فيه قابل للبيع.. تاريخنا وآثارنا.. ممتلكات القطاع العام المملوكة للدولة.. أصوات الناخبين.. الضمائر والذمم.. شهادات الزور.. شهادات الماجستير والدكتوراة.. أعضاؤنا البشرية التي نبيعها وقت الحاجة فقط لنسدد ديوننا ونلبي احتياجاتنا البسيطة.. فلماذا لا نتساءل بالمرة عن أسعارنا بعد الموت حيث الأجساد مجرد بضاعة يتقاول عليها الحانوتية ولصوص المقابر مع من يدفع أكثر، وقد يشتد الفصال ويقول مشتر كل مهمته أن يبخس جثتك قدرها حتى يفوز بها بأرخص سعر "دي جثة مضروبة وكلها عيوب ولو اتعرضت عليّ ببلاش ما أرضاش آخدها"، أو ربما قرر البائع أن يعمل واجب مع مشتر اشترى منه العديد من الجثث، ومنحه جثتك مجاناً فوق البيعة كنوع من عروض الأوكازيون، وكل ما تشتري جثة تاخد واحدة عليها مجاناً مثل البيتزا، وأنت تسمع وتدرك في عالمك الآخر تفاصيل بيع جثمانك دون أن تملك حق الرد أو الاعتراض وإن كانت البضاعة هي.. أنت!!
ولأن أسعارنا بعد الموت صارت رخيصة، ومش جايبة همها، ولأن الحانوتي أو التربي حينما يتم القبض عليه أثناء بيع جثة أحد الموتى، يرد بكل صفاقة وبجاحة "يا باشا دي مجرد جثة كده كده الدود كان هياكلها" معتبراً أنه على صواب وحق، بينما نحن الأغبياء الذين نبالغ في الاهتمام بتوافه الأمور التي لا تستحق كل هذا الاهتمام، فقد اقتنع بعض الشباب والمواطنين البسطاء بهذا المنطق البغيض، وقالوا "كده كده مسيرنا هنتباع، يبقى نتباع واحنا عايشين بمزاجنا وبالسعر اللي يناسبنا بدل ما نتباع غصب عنا، وبتراب الفلوس، وعلى الأقل نسيب للورثة حقهم في البيع بدل ما يضيع عليهم ويروح للتربي أو الحانوتي"!
اقتنع بعض الشباب والمواطنين البسطاء بتجارة الأعضاء البشرية كبضاعة غالية الثمن، وفرصة يتمتعون بسعرها على حياة عينهم بدل ما يتاكل عليهم حقهم وهم بين يدي الرحمن!
اقتنع بعض الشباب والمواطنين البسطاء أن الإنسان الرخيص في بلده، وعلى حكومته، وعلى شركات التأمين التي تمنح التعويضات للمصريين في الكوارث والمصائب القدرية عشر ما تمنحه للأجانب، اقتنعوا جميعاً أن الإنسان قد يصبح غالياً إذا حسبها صح واستغنى عن حتة من جسمه يحتاجها آخر مستعد لدفع الثمن!
اقتنع بعض الشباب والمواطنين البسطاء حتى تعلموا الدرس من أسعار الموتى، وقرروا تطوير التجارة، لتصبح مصر عالمياً وطبقاً لأحدث التقارير والإحصاءات الدولية تتقلد وبلا فخر المركز الثالث في تجارة الأعضاء البشرية بعد الصين وباكستان، وقد أكد تقرير نشرته صحيفتا الميل والجارديان الإنجليزيتين على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وجود مافيا في مصر لتجارة الأعضاء البشرية وذكر التقرير أن هناك تسعيرة لكل عضو بشري، فمثلا يتراوح متوسط سعر الكلية بين 30 إلى80 ألف جنيه مصري، وسعر فص الكبد من 70 إلى 100 ألف جنيه والبنكرياس 40 ألف جنيه، إلا أن قيمة العضو البشري لا تذهب كلها إلى البائع بل يقاسمه في الثمن الطبيب والسمسار ليحصل البائع في النهاية على نصف أو ثلث القيمة المذكورة عاليه، ليتبقى له في النهاية جنيهات معدودة تساعده فقط على امتلاك قوت يومه دون أن يتبقى له ما يعينه على امتلاك أي رفاهية من رفاهيات الحياة سواء بيت مناسب، أو سيارة صغيرة، أو حتى كام هدمة يستر بها نفسه، ورغم ذلك يرحب المواطن البائع لعضوه بالبيعة حتى يتمكن من تسديد أتعاب عملية والدته أو طفله الصغير، أو تجهيز ابنته اللي على وش جواز، وفرصة لأهل البائع أن يتمتعوا بثمن البيعة بدلاً من ذهاب ثمن الجثة بعد الموت إلى الحانوتي أو التربي، باعتبار أنها كده كده خربانة، وأن السعر النهائي بعد خصم العمولات سيكون أغلى من ثمن جثته التي ستباع برخص التراب بعد وفاته!
اقتنع بعض الشباب والمواطنين أن دولة مثل ليبيا الشقيقة تقدمت بطلب رسمي مؤخراً لاستعارة أو شراء جثث مصرية حتى يتم تدريب الأطباء الليبيين عليها، وقد يأتي عليهم الدور يوماً ليكونوا مجرد صفقة تعقدها الحكومة المصرية مع دولة عربية شقيقة أو حتى غربية غنية جاءت لتدفع الثمن الذي سيذهب لتطوير مرافق الدولة وعمل الإصلاحات اللازمة (اوعى تتسحب من لسانك وتقول هيروح لجيب المسئولين عشان كده عيب) بينما إذا سأل أصحاب الجثة عن حقهم في البيعة، فالرد جاهز دائما ونسمعه ونراه في كل الأفلام العربي سواء الأبيض وأسود أو الملونة.."كله فدا مصر ونعيش نعيش ويحيا الوطن ومصر هي أمي".
القانون يحرم بيع الأعضاء أو الاتجار فيها؟ نعم ولا شك، لكن من قال إن القانون الذي يمنع الاتجار في الجثث قد حمى حرمة الأموات في مقابرهم، حتى يحمي البسطاء والمغلوبين على أمرهم من شرور أنفسهم واحتياجهم للمال فقط ليجدوا قوت يومهم.. الآن تعال سوياً لنحسبها صح، نمسك ورقة وقلم لنجيب عن ذلك السؤال الواقعي في أيامنا اللي ما يعلم بيها إلا ربنا.."سعرك كام بعد ما تموت؟".. إذا كان لك سعر من الأساس